ورد بلاستيكي وحب معلب
لم تنضب مباهج الحياة ولم يجف الحب في قلوب و أوردة العشاق لكن تخلينا عن رسل الهوى المخلصين الذين استبدلناهم بأشباه بلا روح ولا يعون قبلة جعل الحياة عقيمة عن البوح بمكنونها من الجمال
فالورد والفل والكاذي وأغصان الريحان المولودة من أحشاء التربة المرتشفة نداء الغيم كانت ذات يوم –ليس عنا ببعيد-أبجدية بها يتخاطب المتيمون والأصدقاء ويكتب بها الشعراء معلقاتهم الغزلية وبألوانها يعزف الفنانون أجمل لوحاتهم
وكانت هاديات المجتمع لمعالم الوقت والحب والزراعة والحياة السمحة
حيث كنا لا نحتاج للتقويم السنوي الصادر عن المراصد الفلكية لحركة الأرض والشمس فورود نيسان وكاذي شباط لا تكذب أما ولوج الليل وانبلاج الفجر فكان يفوح بهما زهر البن والفل والنرجس قبل إعلان الشمس
وقد كان العشاق لا يحتاجون انتحال القصائد واللوحات وتذيلها باسمهم في رسائل الغرام لان ماء الورد سيكتب ويرسم عواطفهم ومشاعرهم لا عواطف ومشاعر نزار أو بيكاسو.
أحس الآن كثيرا بفقد شجر الأريج واشعر بالعجز على إيصال مشاعر الغبطة والسعادة لأصدقائي في حفلاتهم الفرائحية حيث لم يتبق من ناقلات الود سوى ابتسامات ومعالم نشوة قد تظهر أصبحت خائفا عليها من الإنسان الصيني فقد يأتينا بها غدا مع الحب معلبة.
إن شعوب المقدمة الحضارية لم ترقى إلا بما يزيد حياتها جمالا وبهاء أما نحن فابتعنا منهم تقايؤات ونفايات الحداثة فقط فهولندا تأتي في صدارة دول العالم في إنتاج وتصدير شتلات الزهور الطبيعية حيث يعد هذا احد مصادرها القومية في الدخل اما البلاد التي تتغنى بالشقر الصبري فتستزرعه بلاستيكيا في معاملهم ومصانعهم لتنصبه في صالة الأفراح وأروقة المنازل شواهد قبور لعهد وردي فاض بهم حبا ونغم.
استمع الى الفنان الكبير عبدالباسط العبسي وهو يشدو
يا ورود نيسان يا شذى حبي
وبجانبي باقة ورد مرسوم عليها اشكال تشبه حروف المسند القديم وثلاث كلمات لاتينية made in china
ماجد الشرعبي