إرادة التقدم .. وإدارة المخاطر
من مفارقات التقدم العلمي والتكنولوجي في العصر الحديث أننا لم نعد نعرف لماذا لا نعرف ؟ فقد توصل العلم إلى إماطة اللثام عن غوامض كثير من المجهول وارتياد آفاق جديدة وهائلة أدت إلى الكشف عن حقائق لم تكن تخطر على البال وعلى الإنسان أن يتوقع حدوث مفاجآت وأحداث في المستقبل تكون بمنزلة مفاجآت جديدة لميادين وعوالم غربية وأصبحت تمثل خطراً واهماً على استمرار الحياة ويجب التصدي لهذه الأخطار ومواجهتها بغير شك وأن كان ينطوي على كثير من المخاطر .
وليست هناك شك في أن هناك تقدماً واضحاً في الجهود التي تبذل لجعل الحياة أكثر أمناً وسلاماً على الرغم من تكاثر المخاطر وضراوتها ومن الواضح أن المخاطر التي تهدد العالم نتيجة التقدم التكنولوجي في مختلف مجالات النشاط البشري لا يمكن التغلب عليها إلا باللجوء إلى عمليات ووسائل تكنولوجية مضادة قد يكون لها آثارها ومخاطرها فالأمر يتطلب التعرف مسبقاً وبقدر الإمكان على النتائج المحتملة من تقبل المخاطر أو البحث عنها بحجة الكشف والإرشاد والرغبة في تطويعها وتوجيهها وتسخيرها لتحقيق أهداف تصب في مصلحة المجتمع أو محاولة القضاء عليها أو حتى التقليل من فاعلية آثارها السلبية ولن يتيسر ذلك إلا من خلال استخدام أساليب (إدارة المخاطر) بعقلانية وبطريقة علمية مدروسة تتوخى الإحاطة بجميع الاحتمالات والاستفادة من كل المعلومات المتاحة بما يكفل النجاح مع الأخذ في الاعتبار الآثار الاجتماعية والثقافية التي قد تنجم عن هذه الإجراءات فالفشل في إدارة المخاطر يلقي ظلالاً كثيفة على قدرات الأفراد والمجتمع والحكومات ويزيد من قلق المجتمع والمبالغة في حجم الخطر بل وكثيراً ما يؤدي إلى التردد والتخوف من تحدي المخاطر فما يترتب على ذلك من تراجع المجتمع وتدهور أوضاع البحث والكشف والارتياد وتقر مسيرة التقدم فمجرد التردي في تنظيم المجتمع على أساس تقبل المخاطرة والتصدي لها أن يرد ذلك المجتمع إلى الجمود والسقوط في مهاوي السلبية وانعدام التفكير العلمي القائم على التجربة المحفوفة بالمخاطر وسيطرة الجهل والتخلف والشلل الاجتماعي وكلها مظاهر تتعارض مع التصورات العقلانية لمجتمع الغد الذي تتحكم فيه إرادة التقدم .
بقلم / عبده الراعي
مدير مكتب المدير العام