الضرائب والشريعة
الأصل الذي يقوم عليه النظر الشرعي في المسائل الجديدة التي لم يرد بها في كتاب الله تعالى أو سنة رسوله _صلى الله عليه وسلم _ ولم تسبق لها نظائر تقاس عليها ،هو المصلحة الإنسانية فقد استقر رأي فقهاء المسلمين جميعاً أن الشريعة جاءت لحفظ مصالح العباد في حياتهم الدنيوية وحياتهم الأخروية وهذه المصالح هي مواضع رعاية الشرع واعتداده بمستوياتها المختلفة :الضرورية والحاجية والتحسينية أي ما كان منها ضرورياً لقيام الحياة الإنسانية واستمرارها أو لازما لتيسيرها ودفع المشقة والحرج عن سبيلها أو مؤديا إلى تحميلها وتكميلها وتتمثل المصالح الضرورية فيما عرف بالمقاصد الشرعية الخمسة حفظ الدين والنفس ،والعقل ،والعرض ،والمال وهي أمور تتوقف عليها حياة الناس من وجهة النظر الشرعية في دنياهم وفي أخرتهم على حد سواء بحيث لو فقدت كلها أو بعضها احتلت حياة البشر في الدنيا وفاتهم النعيم والسعادة في الآخرة أو اكتمالها وهذا الأصل قد تكفل ببيانه والاستشهاد له علماء أصول الفقه الإسلامي بما لا يموج إلى الإفاضة فيه وقد بلغ الإمام أبو إسحاق الشاطبي ((790هـ)) في ذلك ....... غالباً في الجزء الثاني من كتابه العظيم (المرفقات) .
وعليه اعتبر الكثيرون من العلماء أن إقرار الضرائب يندرج ضمن المصلحة العامة كونها تعود للناس في شكل إقامة خدمات ومشاريع ضرورية لهم ونشير هنا إلى مسألة هامة نود أن ننبه إليها وهي أن معظم التشريعات المعاصرة لا تخالف الشريعة الإسلامية فكما يقول الأستاذ الأكبر الشيخ عبدالرحمن تاج ((وحملة القول أنه لا يصح في تصرف إلا من التصرفات أو حكم من الأحكام التي يسن لتحقيق مصلحة عامة ، أن يقال أنه ........ للشريعة بناء على ما يرى فيه من مخالفة ظاهرة لدليل من الأدلة بل يجب تفهم هذه الأدلة وتعرف روحها والكشف عن مقاصدها وأسرار التشريع فيها فمثلاً تشريعات الضرائب التي تفرض على أهل اليسار فوق ما هو مقرر في الكتاب والسنة من زكاة مفروضة فإنه ليس في نصوص الشريعة ما يمنع ذلك وبالتالي يمكن أن تسن ضرائب للدخل والإنتاج متى كانت للأمة حاجات مطلوبة الوفاء بها وكانت الزكاة المفروضة لا تفي بنفقاتها .
بقلم / نبيل المسلماني
مدير إدارة المتابعة والتقييم